لعبة اشتريتها لابني عندما كان طفلا صغيرا منذ سنوات عديدة
كما يظهر في الصورة
يجب أن يدخل الطفل كل قطعة في الفتحة المناسبة
كنت أراقب ابني و هو يحاول ادخال القطعة في المكان الخاطئ فلا تدخل
ربما كان صغير جدا على أن يدرك أن هناك قطعة لكل شكل من الفتحات
يظل يحاول باصرار و لا يستطيع حتى يمل فيلقي القطع بعيدا
أما عندما ينجح (و لو بقليل من المساعدة) فأرى السعادة في عينيه
ندخل في الموضوع
ان الله خلق الانسان من مادة (جسد) و روح
الجسد مادة له صفاته و احتياجاته المادية
و الروح لها صفاتها و احتياجاتها المعنوية
القوة و الضعف و الجوع و الألم و العطش و الشعور بالبرد و الحر ... الخ من خصائص الجسد
و الفرح و الحزن و الغيرة و الحب و الكرم و الكره ... من خصائص الروح
فماذا يحدث اذا غذيت أحد الشقين باحتياجات الشق الآخر؟؟
تماما كما يحدث في اللعبة في أول الرسالة
لا تَدخُل القطعة الخاطئة في المكان الخاطئ مهما حاولت
ان كل انسان منذ أن يعي و لآخر أيام عمره يظل يبحث عن السعادة
فلا أحد يحب الحزن و الكرب و الغم
و هذا ليس بعيب، فما خلقنا الله لنشقا و لكن لنسعد في الدنيا و الآخرة
و لكن السعادة ليست مادة
و بالتالي ليست من خصائص الجسد
فلماذا يظل معظم الناس يبحثون عنها في ملذات الجسد و احتياجاته؟؟؟
في الأكل و الشرب و المال و النساء (الا ما أحل الله)
فيا من عشت حياتك كلها فقط لتلبي متطلبات جسدك
هل وجدت سعادتك
هل خرجت من شقائك
هل شبعت من شيء منها
ان هذا يذكرني بالجائع الذي لا يجد من الأكل الا الرائحة الشهية
فلا يشبع و لا يزداد الا معاناةً
قد تجد السعادة بطريق غير مباشر في هذه الماديات، و لكن ليس ذلك في ذاتها
بمعنى أن اكتساب المال مثلا لا يسعد، الا اذا كان فيه قيمة معنوية جميلة أو مساعدة لمحتاج أو انماء لمجتمع أو دولة.
أي أن المال (مادة) لا يسعد الروح الا اذا حقق المال قيمة معنوية و هذه القيمة هي التي تسعد الروح
فاذا بحثت عن احتياجات روحك و حققتها فستصل بإذن الله الى السعادة الحقيقية
و الروح من الله كما أخبر الله عن آدم عليه السلام
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (الحجر 29)
فلا تسعد الروح أبدا بشيء لا يحبه الله
فابحث عما يحبه الله تجد السعادة
و انأى بنفسك عما لا يرضي الله تجدها أيضا
.... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (طه 123-124)
و لمن أراد قمة الهرم و منتهى الغاية
فالسعادة سعادة الروح، و الروح من الله، فلا تسكن و لا تطمئن الا اليه
ففك أسر روحك و أعتقها و اطلقها تأنس بربها
أوصلها بربها تجد ان شاء الله منتهى السعادة