مختصر إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان
كاتب المقال: حاتم فريد الواعر
تقديم :
الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على سيد الخلق المبعوث رحمة للعالمين .
أما بعد :
كتاب ( إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ) لابن القيم - رحمه الله - من أنفع الكتب للخاص , و العام , و هذا من بركة هذا الكتاب , و لكن مع الحركة السريعة , و ضيق الزمان , و قلة البركة تفوتنا أعمال جليلة , من ذلك قراءة كتب السابقين من أهل العلم .
و هذه مساهمة منى لعرض بعض أبواب الكتاب بصورة سهلة بسيطة اعتمدت فيها على حذف الأحاديث, و الآثار الضعيفة , و الموضوعة , و ما يتعلق بها من الشروح , و إبقاء ما يستفيد منه القارئ , و اختصرت كثيرا ما يذكره ابن القيم - رحمه الله - فى موضوع الباب , و أحيانا أقتصر على آية واحدة , أو حديث واحد مما يخدم الموضوع , و أحاول أن أقرب المعنى بجمل تكون بين السطور بلون آخر , و أذكر أحيانا بعض الأمور العصرية و الفوائد التى قد تناسب المعنى , و هذا ليس اهمالا منى لمادة الكتاب بل هو محاولة منى لتعريف الناس بقيمة هذا الكتاب .
و اسأله تبارك و تعالى أن يتقبل منى ذلك العمل و من القائمين عليه , إنه ولى ذلك و القادر عليه
حاتم فريد
===========================
" من علامات مرض القلب و صحته "
كل عضو من أعضاء البدن خُلِقَ لفعلٍ خاص به ، كماله : فى حصول ذلك الفعل منه ،و مرضه : أن يتعذر عليه الفعل الذى خُلِقَ له .
فمرض العين : أن يتعذر عليها النظر و الرؤية , و مرض اللسان : أن يتعذر عليه النطق ، و مرض القلب : أن يتعذر عليه ما خُلِقَ له من معرفة الله و محبته و الشوق إلى لقائه .
فلو عَرِفَ العبد كل شىء و لم يعرف ربه ، فكأنه لم يعرف شيئًا ، و لو نال كل حظ من حظوظ الدنيا و لذاتِها و شهواتِها ، و لم يظفر بمحبة الله و الشوق إليه و الأنس به ، فكأنه لم يظفر بلذة و لا نعيم و لا قرة عين .
و قد يمرض القلب و يشتد مرضه و لا يعرف به صاحبه ، بل قد يموت و صاحبه لا يشعر بموته ، و علامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح .
فربما ترك فرضًا فما تحسر لِذلك و ربما ارتكب إثمًا فما تألم لإقترافه.
و إذا كان المريض يتعرف على مرضه مما يُصيب بدنه بالطبيب و غيره و يشغله ذلك و يهتم له ،
فالتعرف على صحة قلبه و مرضه من باب أولى ، إذ بعافيته سعادة الدنيا و الآخرة و بمرضه شقاء الدنيا و الآخرة .
و من علامات صحته أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة .
و صح عنه صلى الله عليه و سلم: أنه قال: لعبد الله بن عمر " كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل و عد نفسك من أهل القبور "
و المقصود من ذلك أن تكون حركاته و سكناته لله ، و ألا يكون له هم إلا الآخرة .
- و من علامات صحة القلب أنه لا يزال يَضرِب على صاحبه حتى يُنيب إلى الله و يُخبِت إليه , فيجتهد لذلك و لا يغفل عنه فإن فى القلب فاقة لا يسُرُّها شىء سوى الله – تعالى – أبدًا , و فيه شعث لا يلِمَه غير الإقبال عليه و فيه مرض لا يُشفيه غير الإخلاص له و عبادته وحده .
قال بعض العارفين: " مساكين أهل الدنيا : خرجوا من الدنيا و ما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل : و ما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله ، و الأنس به و الشوق إلى لقائه و التنعم بذكره و طاعته .
و قال آخر " إنه ليمر بى أوقات أقول فيها : إن كان أهل الجنة فى مثل هذا إنهم لفى عيش طيب "
http://hatemfarid.com/trail/play.php?catsmktba=6691