ن والقلم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ثقافى إسلامى ينافش قضايا الأمة ، وهموم الناس ، وأحوال السياسة ، ومشكلات الشباب بأفكار جادة ورؤى واعية


    المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية

    كلمات من نور
    كلمات من نور
    المدير العام
    المدير العام


    المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية Stars12
    المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية EgyptC
    الدولة : مصر
    رقم العضوية: : 39
    عدد المساهمات : 3309
    عدد النقاط : 5984
    العمر : 56
    المهنة : أم لأربعة من البنين ووالدهم
    تاريخ التسجيل : 10/03/2010

    .المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية Im_msn
    1- كيف تتلذذ بالصلاة
    2- صرخة أنثى ملتزمة : بكل بساطةأريد زوجاً بكراً


    المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية Pens

    المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية 9710

    حوار المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية

    مُساهمة من طرف ÙƒÙ„مات من نور الأربعاء أبريل 14, 2010 4:37 pm

    المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية

    محمد إبراهيم زيدان**- 27/05/2004


    المبادئ العشرة في ترشيد الصحوة الإسلامية 44664584


    الدكتور القرضاوي

    كرَّس فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حياته الفكرية والعملية بأسرها تقريبا لهدف منهجي وفكري كبير وواضح، يصب في ترشيد الصحوة الإسلامية المعاصرة وتوجيهها الوجهة الصحيحة، ودارت معظم كتاباته حول هذا المدار.

    ونراه في كتابه "الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد" ينطلق من مسلَّمات كثيرة لا يختلف عليها أحد:

    أولها: أن الصحوة الإسلامية حقيقة لا وهم.

    وثانيها: أنها تتعرض من حين لآخر إلى حدوث خلل ما، سواء من داخلها بما هو اجتهاد بشري، أو من خارجها بما يسلط عليها من تنكيل، كثيرا ما يدفعها إلى ارتكاب الطيش والحمق.

    وثالثها: أن الصحوة في هذه الأوقات السوداء من حياة الأمة خاصة تعتبر نجمًا سيارًا في دجى ليل طويل بهيم، ليس من مصلحتنا تركه للسحب تغشاه فتتلفه، كما أن من واجبنا إزاءه بذل النصح.

    وقد حاول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه هذا وضع معالم لمنهج الترشيد والإصلاح لمسيرة هذه الصحوة المباركة، وهذا المنهج مؤلَّف عنده من مبادئ عشرة وهي:

    1- من الشكل والمظهر إلى الحقيقة والجوهر

    2- من الكلام والجدل إلى العطاء والعمل

    3- من العاطفية والغوغائية إلى العقلانية والعلمية

    4- من الفروع والذيول إلى الرءوس والأصول

    5- من التعسير والتنفير إلى التبشير والتيسير

    6- من الجمود والتقليد إلى الاجتهاد والتجديد

    7 - من التعصب والانغلاق إلى التسامح والانطلاق

    8- من الغلو والانحلال إلى الوسطية والاعتدال

    9- من العنف والنقمة إلى الرفق والرحمة

    10- من الاختلاف والتشاحن إلى الائتلاف والتضامن

    1- من الشكل والمظهر إلى الحقيقة والجوهر

    وذلك على معنى أن الإسلام عقيدة جوهرها التوحيد، وعبادة جوهرها الإخلاص، ومعاملة جوهرها الصدق، وخلق جوهره الرحمة، وتشريع جوهره العدل، وعمل جوهرهالإتقان، وأدب جوهره الذوق، وعلاقة جوهرها الأخوة، وحضارة جوهرها التوازن.

    إذ من المعلوم منطقًا أن لكل شيء جوهرًا وعرضًا يتكاملان تكامل الروح والبدن في الإنسان، فلا يقوم أحدهما دون الآخر، غير أن ذلك التكامل يُضحِّي عند التعارض بالعَرَض لا بالجوهر، إذ لذلك يرخص الشهيد بدنه لتبقى روحه، ففي حال السلم تكامل، وفي حال الحرب تقدم أولوية الجوهر على المظهر.

    والأمثلة لذلك كثيرة في الإسلام، فالمصلي الذي لا يغنم من صلاته غير القيام والقعود لا حظ له، والصائم كذلك، وعلى ذلك قس كل عمل ينحاز بوعي أو بدون وعي إلىالشكل والمظهر مهملاً الحقيقة والجوهر، ففي الحديث المتفق عليه مثلاً: "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا (وليس مجرد منافق) وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ...".

    وللغزالي الأول - عليه رحمة الله - كلمة من نور يقول فيها: "رب ذرة من عمل القلوب تذهب بجبال من عمل الجوارح"، وبذلك وبغيره تقرر عند الناس قاطبة أن عمل القلب مقدم ومؤسس وحاكم على عمل الجارحة في الاتجاهين الإيجابي والسلبي.

    أما ابن القيم عليه رحمة الله فيقول: "إن سلامة القلب من خمس، وهي: الشرك المنافي للتوحيد، والبدعة المنافية للسنة، والشهوة المنافية للعفة، والغفلة المنافية للذكر، والهوى المنافي للإخلاص". فالقاعدة المحكمة دومًا أن الشكل والحقيقة متكاملان أبدًا، فإذا ما بدا التعارض لداع ما فإن الأولوية للحقيقة على الشكل، حتى ترجع الأصل إلىمعدنه.



    2- من الكلام والجدل إلى العطاء والعمل

    من مظاهر الكلام والجدل: التغني بالماضي دون عمل، أو ازدراء الماضي كله، أو الكلام في أخطاء الناس دون حسناتهم، أو الجدل العقيم من مثل محاولة رفع الخلاف في الفقه. فالدين إنما توحدت جذوره لتختلف أغصانه فتثمر. أو الزعم بأن الأوائل لم يختلفوا، أو محاولة إلغاء المذاهب والمدارس والاجتهادات. ومن مثل الخوض في الأغاليطومعضلات الأمور على طريقة الثرثرة الفارغة أو مخالفة الفعل للقول.

    والأجدر تبني فقه العمل، ونبذ الانتظار، فطالما انتظرت الشعوب قوادًا ملهَمين سلموها قيادها بسلاسة، فسجنوها وكبلوها، وطالما انتظر اليهود قدوم المسيح ليخلصهم حتى ظهرت الحركة الصهيونية، فكانت هي المسيح المخلص وأكلتنا قطرًا قطرًا.

    فالكلام الفارغ دون عمل، والجدل العقيم دون نشاط حي لا يورث سوى النرجسية القاتلة أو ادعاء العصمة الفارغة، واتهام الآخرين كلهم بالمروق والزندقة والهرطقة، ولا يورث سوى الانتظارية التي هي منافية لسنة الحركة والتغير والتطور والمضاء والتدافع، أما الكلام الإيجابي والجدل بالتي هي أحسن فهو عمل وعطاء.



    3- من العاطفية والغوغائية إلى العقلانية والعلمية

    ومن مظاهر العاطفية الغوغائية: تمجيد الذات، والإسراف في الحب والبغض، والاستغراق في الأحلام، واستعجال قطف الثمرة، والاعتماد على حسن النية دون حسن الصواب، والعجلة، والارتجال، والتواكل دون عقل الناقة، وإغفال السنن في الكون والمجتمع، واعتماد المبالغة والتهريج والسطحية.

    ومن خطوات البحث عن الصواب تمحيص ما يُلقَى إلى الإنسان، كما فعل إبراهيم عليه السلام لما جن عليه الليل، وقال محمد صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك منإبراهيم" - فيما أخرج البخاري - فهو شك يقود إلى اليقين كما قال الغزالي الأول عليه رحمة الله.

    ومن تلك الخطوات أيضا الموازنة بين ما عندك وما عند غيرك، وسؤال أهل الخبرة عما جهلت، فقد تعلم ابن آدم من غراب، وتعلم سليمان عليه السلام من هدهد.

    فطلب البرهان يكون من خلال الدليل العقلي في العقليات، والدليل التاريخي في النقليات والمرويات، والدليل التجريبي في الحسيات.

    والمنهج الإسلامي نصًّا وعملاً إنما قام على العلمية والعقلية، حتى في أخطر الأمور وأدقها كالألوهية والتوحيد.



    4- من الفروع والذيول إلى الرءوس والأصول

    معلوم أن الإسلام ليس متساويًا في تكاليفه وعقوباته، شأنه في ذلك شأن كل أمر مُحكم منظم، لذلك فهو مرتب حسب موازين وأولويات، وكبائر وصغائر، وعزائم ورخص، وواجبات ومندوبات، ومختلف فيه ومتفق عليه، وفروض عين وأخرى كفاية، وهذا فوري وآخر على التراخي، وقطعيات وظنيات، وأعلى وأدنى، ومحكم ومتشابه، ومتن وسند، ورواية ودراية، وهذا لذاته وذاك لغيره، وضروري وحاجي وتحسيني، وكلي وجزئي، وعام وخاص، ومطلق ومقيد، وأصل وفرع، وجذر وثمر، وجذع وغصن، ووالد ومولود، وفرض وتعصيب، ومقدم ومؤخر، ومصغر ومكبر، إلى آخر ما لا يحصى...

    فهو هيكل جميل البناء، رائع التشييد، محكم الهندسة، لا يتمتع به الزائر ولا المقيم حتى يتعرف إلى كلياته وتفاصيله، كتاجر ماهر لا يعرض كل سلعه في كل مكان قبل دراسة السوق وحال العرض والطلب، أو كسائح لبيب لا يضيع أوقاته الثمينة في كل ما يعرض له.

    والقاعدة المحكمة هنا هي أن معرفة الأصول في كل شيء إطلاقًا أولى من معرفة التفاصيل؛ لأن هذه متضمنة في تلك بالضرورة، أي محكومة بقانونها. فمتى قال لك الباري: لا تقل لوالديك "أف" مثلاً، فيجب عليك معرفة شيء آخر قبل ذلك، وهو أنه أمرك - قبل أن ينهاك - بالإحسان إليهما، كما يجب عليك معرفة شيء آخر، وهو أن "أف"هي مثال ليس إلا، أي جزئية صغيرة عليك ببحث تراكيبها حتى تصل إلى أصلها
    الأول، فإن قادك تفكيرك إلى أن الممقوت هو قولك "أف" وما عداها مما هو فوقها معفو عنه، فأنت ساقط المزاج لا تصلح للدنيا فضلاً عن الدين، ومشكلتك مع نفسك وليست معالدين.



    5- من التعسير والتنفير إلى التبشير والتيسير

    من أوضح علامات المنهج الوسطي: التيسير في الفتوى والتبشير في الدعوة؛ لأنه الأصل في دعوة الإسلام، والأمثلة الدالة على ذلك كثيرة من القرآن والسنة والسيرة، وسيرة الخلفاء الراشدين والدعاة والمصلحين الموفقين من أيام السلف الأول إلى أيامنا هذه.

    ولو تصفح المسلم الدين كله بكلياته وتفاصيله من العقيدة إلى آخر شعبة فقهية فيه، لوجد أن روح البناء هو اليسر، فالتوحيد مثلاً الذي هو جوهر العقيدة، أمره يسير على الناس، فأن تعتقد بإله واحد أحد فرد صمد أيسر لعقلك وقلبك ولحياتك بأسرها من أن تعتقد في آلهة مثنى أو ثلاث أو أكثر، وهو كذلك أيسر من أن تعتقد أن الوجود خُلِق صدفة أوخلق نفسه بنفسه أو ما إلى ذلك، وعلى ذلك قس سائر معطيات الدين والإسلام والحياة والوجود. فاليسر سنة وسبب وقدر، وليس أمرًا مقصورًا على الدين وتكاليفه.

    ومن مظاهر التيسير في الفهم أن الدين في أصله مُعلَّل كله، أي معقول، سوى ما ورد من تفاصيل كعدد الركعات، فعلته الاتباع والتسليم والخضوع.

    ومن مظاهر التيسير في العمل أن كل عزيمة سببت حرجًا أو عنتًا فالرخصة أجرها أجر العزيمة، كعمل المريض والمسافر والحائض والنفساء والمُكره وفاقد الطهورين.

    ومن تلك المظاهر أيضًا تقديم الأيسر على الأحوط، وفق قاعدة "التيسير في الفروع والتشديد في الأصول"، وانتفاء التحريم بغير دليل لبراءة الذمة، والتيسير فيما تعم به البلوى كحلق اللحية وطول الثوب وما إلى ذلك، والأخذ بالضرورات فيما حرم لذاته، وبالحاجة فيما حرم سدًّا للذريعة، وأن حقوق الله مبنية على المسامحة، أما حقوق العباد فعلىالمشاحة.

    ومن مظاهر التبشير تغليب الأمل والرحمة والعفو والتبشير بمستقبل الإسلام من القرآن والسنة والتاريخ والواقع والسنن، ومن مظاهر التنفير الغلظة والفظاظة وسوء الهيئة.. إلخ.

    فتغليب اليسر على العسر في الفقه والفتوى حيال الناس خاصة لا حيال النفس إذا تاقت لغير ذلك، مظنة جلب الناس إلى الالتزام يومًا بعد يوم، وتلك حقيقة نفسية واجتماعية وليست مقصورة على فقه الدعوة، وكذلك تغليب البِشر على النفور مظنة طمأنة القلوب الخائفة والأفئدة الحائرة، فالتاجر المملوء قذارة المكثر من الصياح العارض لسلعته مكدسةكأنها في مزبلة والرافع لأسعارها درجات على ما يجد الناس عند جيرانه، لن يقربه غير الأحمق مثله مهما كانت سلعته عالية الجودة، فالإنسان من أبعاده الرئيسة الذوق بعد العقل والروح والبدن والعاطفة.



    6- من الجمود والتقليد إلى الاجتهاد والتجديد

    من النصائح التي يقدمها الشيخ القرضاوي هنا إلى بعض الحركات الإسلامية الوسطية التي يقدرها: تقديم الولاء للإسلام على الولاء للجماعة، وتقديم العمل للدعوة على العمل للتنظيم، والترحيب بالأفكار الجديدة، والتفاهم مع الآخر، وإن يكن مخالفا، وتجديد الوسائل حسب المرحلة، والاهتمام بالتحديات العالمية، وعدم الاستهلاك في العملالسياسي، وإنتاج مناهج تعمق الثقافة الشرعية والواقعية.

    فهذا سيدنا إبراهيم شيخ الأنبياء - عليهم السلام جميعًا - يجتهد من طور إلى آخر، حتى أظفره الله باليقين، وهذا موسى عليه السلام لا يتردد في عرض طلبه على ربه في أنيراه ليتجدد إيمانه ويتعمق، وهذا الإمام الشافعي يجدد مذهبه من العراق إلى مصر لتبدل الظروف، وهذه الشمس تطلع علينا كل يوم جديدة، وهذه دماؤنا تتجدد في أوعيتهاوأوردتها دومًا، وهذا الكون الفسيح يمخر بنا عباب فضاء بسرعة رهيبة لا يتصورها العقل الإنساني، ومع كل ثانية يغمر مساحات كونية جديدة لا نعلمها، وهذا النبي الأكرم - عليه الصلاة والسلام - يأمرنا بتجديد الدين على رأس كل مائة سنة، وهذا وهذا وهذا.

    فالقديم عندنا ليس سوى أصولنا العقدية الكبرى وأصول عباداتنا وأخلاقنا، وما ثبت من نحو ذلك وهو قليل كمًّا كثير نوعًا، وما سواه محل تجديد دومًا، والتجديد ليس هدمًاللأصول، ولكنه تجديد لحسن عرضها على أناس اليوم وأهل الغد، وتشييد لما يحفظها، فلا نبطل الاجتهاد والتجديد باسم عدم تعريض الدين للاندثار، ولا ندعهما كلأً مباحًا ومرتعًا خصبًا لكل أحمق.

    وكلما كان الاجتهاد والتجديد جماعيًّا مؤسسيًّا كانت النتائج أجود وأبعد عن التيه.



    7- من التعصب والانغلاق إلى التسامح والانطلاق

    معلوم أن الغرب هو الذي سمَّى الحروب الصليبية "صليبية" أما نحن فسميناها حروب الفرنجة، وفي ذلك دلالة على أن المعيار الديني الضيق هو الذي قاد الغرب إلى نسبة الخلاف إلى الصليب. كما أن من مظاهر التعصب الغربي - وفينا له سماعون كثر - الاعتداء على الثقافة الإسلامية وتأويلها بغير علم، والادعاء بأن الأسرة يمكن أن تتكون من جنس واحد بدل جنسين، وأمور أخرى كثيرة كر بها علينا الإعلام المعادي باسم الحرية، وهي استعباد شيطاني مَريد.

    وكثير منا ينسى أو يتناسى أو يستحي أن يبرز معالم ثقافتنا السباقة في الاعتراف بالاختلاف ووضعه على أساس أنه سنة كونية وقانون خلقي، وليس أمرًا دينيًّا فحسب، علىأن في ديننا أسس عقدية للتسامح منها:

    - الاختلاف البشري إرادة إلهية "وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ".

    - الحساب في الآخرة وليس في الدنيا "فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ".

    - كرامة الإنسان وحرية إرادته وعلوية آدميته كائنًا ما كان دينه أو لونه.

    - أولوية العدل لكل الناس "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى".



    8- من الغلو والانحلال إلى الوسطية والاعتدال

    من المعلوم أن من أهم مظاهر الغلو:

    - عدم الاعتراف بالآخر

    - إلزام جمهور الناس بالعزائم والتشديد

    - التشديد في غير محله

    - الغلظة والخشونة

    - سوء الظن بالناس

    - السقوط في هاوية التكفير

    والتجديد والوسطية والاعتدال في الحقيقة لا يكون إلا سلفيًّا، والسلفية لا تكون إلا مجددة.

    وذلك يتطلب إحياء ضروب من الفقه من مثل:

    - فقه الواقع

    - فقه المقاصد

    - فقه السنن والأسباب في الكون والخلق والاجتماع

    - فقه الخلاف

    - فقه الأولويات

    - فقه الموازنات

    - فقه المآلات، إلخ...

    وبذلك يلج الإنسان التيار الوسطي المعتدل، ومن أبرز شمائله:

    - تبني التيسير والتبشير

    - الجمع بين السلفية والتجديد

    - المصالحة بين السلفية والصوفية، أو تصويف السلفية وتسليف الصوفية

    وكان خير من عقد هذه المصالحة ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - عليهما رحمة الله تعالى - فالسلفية الحقيقية بفضيلة التمسك بالنص ونبذ البدعة، والصوفية بفضيلة حياة القلب وفرحة الروح، يتعانقان وتنشأ الوسطية. كما أن من سنة التكامل والاختلاف وجود المتكلمين والصوفية والسلفية والظاهرية والفقهاء والمحدِّثين والمقاصديين.. إلخ، ومن هؤلاء جميعًا ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات بإذن الله تعالى.

    - الاعتدال بين الظاهرية والمؤوِّلة.

    - الموازنة بين الثوابت والمتغيرات، فالثوابت هي العقائد والعبادات والقيم الأخلاقية، وأمهات الرذائل، والقطعيات في المعاملات الأسرية والاجتماعية والمالية... وهي تشكل الوحدة الفكرية والسلوكية للأمة.

    - مراعاة الواقع إذ قال ابن القيم: "الفقيه الحق من يزاوج بين الواجب والواقع، فلا يعيش فيما يجب أن يكون، مغفلاً ما هو كائن".

    ولتغيير الواقع ثوابت، منها:

    - رعاية الضرورات.

    - ارتكاب أخف الضررين، ومن أمثلة ذلك عدم قتله - عليه الصلاة والسلام - للمنافقين وهو يعلمهم واحدًا واحدًا، وعدم هدم الكعبة لإعادة بنائها على أسس إبراهيم.

    - مراعاة التدرج.

    - الدعوة إلى التسامح والتعايش مع الآخرين.

    - تبني الشورى والحرية للشعوب على أساس أن الأحزاب مذاهب في السياسة، والمذاهب أحزاب في الفقه.

    - إنصاف المرأة فهي شقيقة الرجل.

    - إحياء الاجتهاد، إذ قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: "إنما الفقه رخصة من فقيه، أما التشدد فيحسنه كل أحد". وقاعدة المنار الذهبية: "نتعاون فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه". وقال بعضهم بعده: "ونتحاور فيما اختلفنا فيه".



    9- من العنف والنقمة إلى الرفق والرحمة

    أصل منهج الدعوة هو الرفق، فالدعوة بالحكمة معناها إقناع العقول بالبرهان. وبالموعظة الحسنة معناها طمأنة القلوب. والمجادلة بالتي هي أحسن معناها حوار المخالفين.

    وارجع إلى أساليب الأنبياء في القرآن كإبراهيم وموسى وغيرهما، عليهم السلام جميعًا. ومن ذلك أن عائشة لما قالت لليهود الذين قالوا لها وله عليه الصلاة والسلام: السام عليك، قالت: "بل عليكم السام واللعنة" فنهاها عليه الصلاة والسلام، وقال لها: "بل قولي: وعليكم، فإن الموت حق علينا وعليهم جميعًا".

    ومن مظاهر الرحمة: الرفق بالحيوان، فهذه امرأة تدخل النار في هرة، وهذه بغيٌّ تدخل الجنة في كلب، وهذه عجوز يأمرها عليه الصلاة والسلام بأخذ متاعها من فوق بعير لعنته على أن تتركه، وقال: "إننا لا يصحبنا ملعون"، ونهى عن الوسم بالنار، وعن الوسم في الوجه، وقال لرجل يحد شفرته أمام أضحيته: "أتريد أن تميتها مرتين؟"، ونهى أنيُذبَح الحيوان لغير حاجة، وأن يُذبَح أمام أخيه، وشكا له جمل صاحبَه بأنه يحمل عليه ويُجيعه، وتوعد من فجع طيرًا في فراخه. والأمثلة لا تحصى.

    ورحمة الإسلام في الحرب أوكد؛ لأن من شأن الناس أن يُثاروا في الحرب، فنهى عن قتل النساء والصبيان والشيوخ، والعابدين في محلات عبادتهم، وعن سائر غير المقاتلين أو من هم في حكم ذلك.

    ويرى الدكتور القرضاوي أن الخلل في فقه الجهاد ينبع من:

    - اعتماد المتشابهات بدل المحكمات.

    - اعتماد الجزئيات بدل الكليات.

    - اعتماد الظواهر بدل المقاصد.

    - الخلط بين مستويات الجهاد. وليس القتال سوى فرع صغير عنه.

    - اعتماد أحاديث ضعيفة متنًا وسندًا كـ "بُعثت بالسيف".

    - شروط التغيير بالقوة عادة لا تراعَى، كوجود المنكر الحقيقي لا الوهمي، وغير المختلف فيه، وظهوره للعيان، وهل هو مقدور عليه، وهل يورث فتنة أشد أم لا.. إلخ.

    إن الإسلام لا يقاتل لمجرد الكفر، بل يقاتل الظلم ولو صدر من مسلم. ولا يقاتل من أجل إكراه الناس على دين معين، ولو كان الإسلام وهو الحق المطلق، إنما يقاتل لطرد الفتنة التي هي أشد من القتل؛ إذ هي شلل للإرادة والعقل والفعل والاختيار والحرية.

    والعلاقة بغير المسلمين أصلها البر والإحسان والقسط، وأهل الكتاب أولى بالبر والقسط، والنصارى أشد أولوية بذلك.

    كما أنه لا يجب الخروج على الحكام مطلقًا دون قيد، بل يجب تقدير الصبر ووجوبه ما لم نر كفرًا بواحًا لنا فيه من الله برهان، ومَن يرى ذلك ومن يقدره؟ أو ما أقيمتالصلاة من طرفهم، على اختلاف أو تعدد في الروايات.



    10- من الاختلاف والتشاحن إلى الائتلاف والتضامن

    من أكبر الأدواء التي تنخر جسمنا الإسلامي داء الاختلاف والتشاحن المؤدي إلى ذهاب الريح وانفصام العقدة، وفي ذلك يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام فيما يرويه البخاري عن ابن مسعود: "لا تختلفوا؛ فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا".

    والقرآن حرص حرصًا شديدًا على الوحدة، وجعلها بعد التوحيد مباشرة، فيوسف عليه السلام - مثلاً - أهال التراب على ما حدث من إخوانه توحيدًا لجسم الأسرة، فلم يشرإلى فعلهم معه في حديثه إليهم، وإنما ركَّز على أن الله أخرجه من السجن، ولم يقل من الجُب. وكذلك فعل القرآن مع مسطح الذي تورط في حديث الإفك، وكان من قبل محل إنفاق وإحسان من أبي بكر رضي الله عنه، فلما بلغه ذلك هم بالانقطاع عنه، فجاءه قوله تعالى: "وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ...".

    على أنه ليس المطلوب توحيد الأمة بأسرها على كلمة واحدة في كل صغيرة وكبيرة؛ فإن ذلك مغاير للسنن والفطرة، وإنما مطلوب التوحد حول الثوابت الكبرى والمصالح العليا التي أكد عليها الوحي وقدمها وقدسها وكبرها، ورتب عليها حدودًا وكفارات وقصاصًا وتبعات في الدنيا والآخرة، من مثل العقيدة والدين وقطعياته، وكرامة الإنسان وحريته وعزته، وعمارة الدنيا وقطع دابر كل فساد فيها، وما إلى ذلك مما هو معلوم في مظانه.

    فالتوحد هو توحد تنوع وتكامل، وليس توحد الأصم الأعمى الذي لا يسمح بحرية التفكير أو سنة الاختلاف، والاختلاف الممقوت هو اختلاف التضاد والتهارش، فلا وحدةدون اختلاف، ولا اختلاف دون وحدة.

    ومن ركائز فقه الاختلاف:

    - اعتبار أن الاختلاف في فروع الفقه ضرورة، وكذلك هو رحمة وتوسعة على الأمة.

    - اعتباره ثروة في التشريع والاجتهاد؛ لأن رفع الخلاف والحمل على رأي واحد غير ممكن وغير مُجْد.

    - احتمال الصواب في الرأي المخالف، وإمكان تعدد الصواب في المسائل الجزئية.

    - المجتهد المخطئ - ما دام من أهل الاجتهاد - معذور ومأجور، ولا إنكار في المسائل الاجتهادية.

    - إنصاف المخالف، وذكر محاسنه، والعدل معه، ونقده بالحق.

    - التعاون في المتفق عليه، وهو الأكثر نوعًا وكيفًا لا كمًّا، والتسامح أو الحوار في المختلف فيه.

    - الأدب مع الكبراء والعلماء، واجتناب التكفير والتفسيق والتبديع والمراء والجدال السيئ واللدد.



    الخلاصة

    وفي النهاية نخلص من الكتاب إلى أن الصحوة حقيقة معنوية ومادية، ظاهرة وملموسة، وأن أكبر المطبات التي عادة ما تقع فيها فصائل الصحوة في كل زمان ومكان هيمطبات إهمال فقه الموازنات والأولويات؛ إذ سرعان ما يوظَّف الخلاف للهدم لا للبناء، وتُمحَى مساحات التلاقي، وإهمال معطيات الواقع في كل أو بعض وجوهه، واعتماد الاستعجال والتعسير والتنفير بحسن نية، واستسهال التقليد والمحاكاة عجزًا أو جهلاً، وإهمال المنهج القرآني، والتمسك برغم ذلك ببعض أدلة ذلك المنهج وتحكيم العاطفة الدينيةالجياشة.

    وأن الترشيد فريضة وضرورة، وليس معنى الترشيد "التلقين"، ولكن معناه إرساء قنوات الحوار مع الصحوة، أما الإهمال فموقف السلبيين أو المتحاملين. على أنه ليس هناك من يعالج الصحوة اليوم بالإهمال، فهي إمَّا مُرشَّدة بالحوار من قبل أصدقائها، وإما محارَبة ولو بخفاء وحيلة وذكاء ودهاء من قبل أعدائها.

    لذلك فإن مستقبل الأمة مرهون بمستقبل صحوتها المعاصرة، والصحوة مرهونة بمدى الرشد الفكري داخلها في التعامل مع التراث الإنساني عامة والإسلامي خاصة، والصلح السياسي خارجها في التعامل مع الواقع المتحرك من حولها، وحسن التخطيط العملي بين تياراتها، وتكاملها في مختلف أطيافها، وحسن التعاطي مع كل الناس من حلفاءوأصدقاء وأعداء ومتحاملين، لضمان حد أدنى من التخصص العملي، وإنجاز المشروع الحضاري لاستئناف الحياة الإسلامية بأسرها على مراحل وخطوات، وبين فصائلوأوطان.

    إذن، فالترشيد للصحوة عبر الحوار واجب لا يتم واجب الاهتمام بمستقبل الأمة إلا به.
    ________________________________________

    **رئيس القسم الشرعي بموقع إسلام أون لاين. نت

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 9:06 am