تجربتي مع التدبر

تجربتي مع التدبر

كتبهامنى محمد أحمد






كم أسعدني أنني سأقوم بتدريس مادة القرآن الكريم بجانب مادة حلية أهل القرآن في معهد معلمات القرآن. لأني رأيت أن سعادتي ستتضاعف بمدارسة كتاب الله والعيش مع آياته حفظا وتلاوة وتدبرا. ولكن الأمر كان على خلاف ما توقعت. فحين بدأت أسأل الطالبات بعض الأسئلة التي فيها تدبر وتفكر في الآيات إذا بي أفاجأ بتذمر من معظم الطالبات والسبب في ذلك أنهن يرين أن استنباط الفوائد والتدبر ليس بأهمية تسميع وترديد الآيات والتركيز على التجويد وإن كن معلمات مجيدات قلما يخطئن في الحفظ والتجويد
ضايقني ذلك كثيرا وشعرت أنني في مواجهة شديدة لتغيير القناعات وتصحيح المفاهيم المغلوطة في التعامل مع القرآن فالواقع أن معظم معلمات الدور لا هم لهن إلا تثبيت الحفظ وتعليم التجويد والمبالغة في تصحيح لا أقول اللحن الخفي بل أخفى الخفي أما استنباط الفوائد والتدبر فهو أمر هامشي يعطونه فضول أوقاتهن في الحلقة بمعنى إذا تبقى وقت في نهاية الحلقة ذكرت المعلمة معاني المفردات بلا تدبر وإن ألزمتها الدار بأن تقف مع الآيات اكتفت بذكر المعنى الإجمالي للآية أو الآيات عرضا لا يختلف كثيرا عن نشرة الأخبار – مفرغا من أي معنى من معاني التدبر والتعظيم والإجلال للقرآن.
دعوت الله عز وجل بأن يشرح صدورهن – طالباتي – للتدبر والفهم العملي والعميق للآيات والحمد لله رأيت تباشير القبول واستجاب الله لدعائي كما هداني إلى الكلام عن فضل القرآن وأثر تدبره على إيماننا وحياتنا وسعادتنا وذكرتهم بأننا بدأن طريقا نرجو به الفردوس الأعلى ومبتدأ هذا الطريق هو التدبر والتأمل فيما نتلوه ونحفظ من الآيات كما ذكرتهن بحديث النبي صلى الله عليه وسلم مع بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه لما قرأ على النبي من سورة النساء حتى بلغ قوله تعالي " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " فإذا يعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فكنت أرى التأثر والصدق في وجوه الطالبات ونبرات أصواتهن في التلاوة
والحمد لله تفاعل معظم الطالبات واستجبن للفكرة ولمست تغيرا ملحوظا على طريقة تلاوتهن للآيات لدرجة أن من يسمع تلاوتهن لا يتمالك نفسه من البكاء من تفاعل ومعايشة الطالبة لما تقرأه وتتلوه من أبات من وقتها وبدأت أستمتع أنا وطالباتي بمحاضرة القرآن وفاقت متعتي فيها أي متعة فيما سواها.
طريقتي في التدبر
بفضل الله ومنه وكرمه سبحانه أن هداني ويسر لي الآتي
1- تحديد معاني المفردات الصعبة.
2- أقرأ تفسير ربع الحزب المقرر حفظه يوميا من تفسير السعدي وأبو بكر الجزائري وأحيانا بن كثير وأحيانا أخرى أرجع لبعض اللطائف الاجتماعية في الظلال وكنت أسطر الفوائد في صورة سؤال مشوق أوجهه للطالبات كواجب واليوم التالي نناقش الأسئلة مثل " ماهي الآية التي تشير لنفس المعنى في قوله تعالى " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"تكون الإجابة " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون"أو الآية التي تشير للحديث الوارد بالتفسير؟ أو ما هي علاقة هذه الآية بما قبلها أو بعدها من الآيات؟ …… ولدي دفتر أسجل فيه كل هذه الأمثلة وبمرور الأيام وجدت أن الطالبات بدأن يسألنني أسئلة تدبر مبنية على تفكر عميق وفهم للآيات ولما كنت أجمع الواجبات " حل الأسئلة " أجد من الطالبات من ترجع لخمس تفاسير في بحثها عن إجابة أحد الأسئلة.
3- بجانب كتب التفسير كنت أسمع أشرطة تأملات قرآنية للشيخ المغامسي للسور التي أدرسها
4- حوار في تفسير القرآن للدكتور فالح الصغير
5- تأملات في أحسن القصص للدكتور أحمد نوفل وهو أكثر من رائع
6- برنامج ببنات في قناة المجد
7- خواطر الشيخ الشعراوي
8- شرح أسماء الله الحسنى وكذلك يشاركنني معظم الطالبات وكنا نسجل أبرز الفوائد من جميع ما سبق
أهم الإيجابيات للبرنامج
1- روح الحب والأخوة بين الطالبات
2- تغير كثير من السلوكيات غير المرغوبة فيها لدى الطالبات
3- الحفظ الدقيق والمتقن للآيات نظرا للفهم العميق لكل لفظة في موضعها
4- همة الطالبات خصوصا في البحث العلمي لدرجة أنني أقرأ واجبات إحدى الطالبات وأرى كأنني أقرأ لأحد السلف وهو أسلوبها الخاص في فهمها للالآيات وكنت أسمع فوائد رائعة من الطالبات
5- انعكاس التدبر على معالجتنا لمشكلاتنا الخاصة وحياتنا الاجتماعية
6- كنا نتواصى بوصايا عملية من خلال الآيات ونذكر بها مما انعكس على إيماننا وعباداتنا
7- انعكست هذه الطريقة " ليدبروا آياته" على طريقة تعلميهن للقرآن في الدور
8- حتى في الاجتماعات الأسرية أصبحت الطالبات تذكر لأقاربها بعض الفوائد العملية والتربوية التي كنا نستنبطها من الآيات
9- حب الطالبات لمحاضرة القرآن والشوق إليها
10- اكتساب أساليب دعوية جديدة من خلال الأسلوب القرآني في مواجهة الأخطاء وتسليط الضوء على الصواب
11- تعظيم الله سبحانه في نفوس الطالبات من خلال فهم أسماء الله الحسنى وعلاقة الاسم بموضوع الآية وضبط خواتيم الآيات
12- ربط السور بعضها ببعض وكذلك آيات السورة الواحدة وموضوعاتها
13- فهم كيد أعداء الإسلام وخاصة اليهود من خلال الآيات التي تحدثت عنهم
14- غرس عقيدة الولاء والبراء من خلال الآيات
15- أصبح شعارنا في كل أمورنا" بالقرآن نحيا"
16- عمل بحث شامل تطوعي من الطالبات مثل جمع الآيات التي ذكر فيها " لاخوف عليهم ولاهم يحزنون" وتفسيرها وتدبرها في القرآن كاملا
17- ضبط المتشابه في الآيات والسور
18- ضبط وإتقان التجويد وربطه بالتدبر كالمذود والتفخيم والترقيق وعلاقته بموضوع الآية
19- الحرص على الحضور وقلة الغياب
20- جمع اللمسات البيانية من الإنترنت للسور اللاتي يحفظنها
21- الدخول على مواقع التفسير وتجميع محاضرات التفسير على أسطوانات
ما دعوة أنفع يا صاحبي من دعوة الغائب للغائب

ناشدتك الرحمن يا قارئا أن تسأل الغفران للكاتب

ولا تنسونا من صالح دعائكم