بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
فتح في غزة : لمن تجمع السلاح!!
عماد عفانة
يتحركون بسيارات مموهة ، يتنقلون في الليل والنهار، حتى بات بعضهم يظهر بالسلاح الشخصي، يذهبون في جماعات لمجاملة الناس في الأفراح والأتراح، يشكلون لجان إصلاح في مختلف أنحاء القطاع، يغزون كافة التجمعات الشعبية، يخترقون أغلب الجمعيات الخيرية عدا تلك التابعة لحماس ويجيدون الحصول على المعونات منها ومنها وكالة الغوث "الأنروا"، يجيدون استخدام فصائل أخرى كغطاء لنشاطاتهم، ويشترون السلاح ويوزعونه على بعضهم ويتبعون وسائل أمنية لم تكن معروفة عنهم من قبل، ولا يبخلون على عناصرهم وكوادرهم بمبالغ كبيرة من المال.
هذا ليس وصفا لحركة حماس في القطاع، بل هو وللمفارقة وصف للحال الذي باتت عليه حركة فتح في قطاع غزة، علما أن حركة فتح كانت ومنذ الحسم 2007م تعاني من تضييق على نشاطاتها، ومن فكفكة صفوفها، ومن ترهل قيادتها، ومن ضعف تنظيمي خطير في صفوفها، ومن انفضاض كثير من عناصرها عنها.
عندما تتحدث عن حركة فتح فأنت لا تتحدث عن حركة صغيرة أو حديثة، بل تتحدث عن حركة قديمة عريقة ممتدة بطول الوطن وعرضه، عشعشت في عقول وقلوب شعبنا لسنوات طويلة، وألهبت حماسهم بأفعالها وخطاباتها الثورية، لذا فمن الطبيعي أن تعود حركة فتح للتماسك من جديد، لتتعلم من تجارب غيرها في العمل الشعبي والاجتماعي الذي غاب عنها طول سني حكمها في قطاع غزة.
فحركة فتح اليوم من الطبيعي أن تتعلم من حركة حماس فنون العمل الاجتماعي والشعبي لكسب الرأي العام، ليس لتتوازى مع حركة حماس فقط بل لتنافسها وتتفوق عليها.
ولكن ليس من الطبيعي أن نرى عودة فتح لتتسلح من جديد في قطاع غزة وهي الحركة التي يعلن رئيسها ليل نهار نبذه للعمل العسكري وللمقاومة ولا يخجل بأن يصفها بالعبثية.
وليس من الطبيعي أن يعود أبناء فتح ليحملوا السلاح تحت غطاء هذا التنظيم أو ذلك في الوقت الذي تحارب فيه المقاومة في الضفة المحتلة بل وتجرم ويقتل ويحاكم مرتكبوها.
وليس من الطبيعي أن تعود حركة فتح لسياسة المربعات الأمنية وتكديس السلاح هنا وهناك تحت غطاء هذا التنظيم أو ذلك أو هذه العائلة أو تلك بانتظار اللحظة المناسبة لتكشف عن نفسها وتكشر عن سلاحها.
وليس من الطبيعي أن يحجر على حماس القيام بأي أعمال تنظيمية أو جماهيرية أو اجتماعية أو حتى برلمانية في الضفة المحتلة بينما نرى قادة وكوادر وعناصر حركة فتح يجولون قطاع غزة بطوله وعرضه ينقلون السلاح ويستعيدون عرى التنظيم دون حسيب أو رقيب.
وليس من الطبيعي أن تصمت حماس عن اعتقال الحرائر الماجدات في الضفة المحتلة على أيدي أجهزة فتح ديتون، ثم يملأ أبناء الغلابة الدنيا صراخا وعويلا على اعتقال تاجر مخدرات أو مجرم لمجرد أنه ينتمي إلى فتح.
ليست هذه دعوة لقمع حركة فتح أو منعها من ممارسة عملها التنظيمي، كما أنها ليست دعوة لمنع حركة فتح من ممارسة أي عمل مقاوم، ولكنها دعوة للانتباه.
فعودة حركة فتح كتنظيم مسلح وقوي لساحة قطاع غزة في الوقت الذي تعلن فيه حركة فتح نبذها للعمل العسكري ضد الاحتلال وتجريم المقاومين وملاحقتهم، يثير تساؤلات مشروعة حول سلاح حركة فتح، ولمن تجمع حركة فتح السلاح، ولصدر من ستوجه حركة فتح هذا السلاح.
قديما قالوا الألفة تضيع الهيبة، وكثرة المعاشرة تزيل الكلفة، وتعوُد حركة فتح على تراخي القبضة الأمنية في قطاع غزة ربما يغريها أو على الأقل ربما يغري المتحكمين في قرارها في المقاطعة بالقيام بأي مغامرة محسوبة أو غير محسوبة العواقب قد تعيد قطاع غزة للمربع الأول الذي انتشرت فيه مشاهد والفلتان وسفك الدماء المفضية إلى عودة المواجهة المباشرة مرة أخرى لا سمح الله.
فتح: لمن تجمع السلاح..!! هذا ليس عنوانا للفتنة، بل هو فقط جرس إنذار، فمن يحمل السلاح، ثم لا يوجه هذا السلاح للعدو المحتل، فلابد أن يدفعنا للشك بأنه سيوجهه إلى صدورنا كشعب وكأمن وأمان، وكمجتمع تحوم من حوله المؤامرات من كل حدب وصوب.