أهذا رمضان يا أهل الإعلام؟
العفة المنقرضة
بقلم عبدالسلام بسيوني
هأنذا أعود للكلام عن الأخلاق المنقرضة، أو التي في طريقها للانقراض، والتي بدأ كثير منا يرونها جمودًا، وتزمتًا، ونكوصًا للوراء، وأننا تغيرنا مع الانفتاح،
بعد أن صار العالم داعوسًا واحدًا، وأنه لم يعد ثَمّ داعٍ لأخلاق ديناصورية بالية، مثل الستر، والعفة، والغيرة، والمروءة، والنخوة، فالناس غير الناس، والزمان غير الزمان
وباعتبار أن أخلاق أيامنا هذه هي أخلاق الفهلوة، والروشنة، والأدمغة الموزونة، والمزاج العالي -كما يعبر العيال الصيع- ويشترك في ترسيخ هذا المفهوم المنحرف عوامل كثيرة، أتكلم منها الآن فقط عن وسائل الإعلام -الميمونة- التي تقدم للأمة المتخلفة نماذج فذة من الراقصات، وتجار المخدرات، والسياسيين الفاسدين، ورجال الأعمال النصابين
لتعمق في الجيل – بل في الأمة كلها - مناهج الأونطة، والبلطجة، والسطحية، وسقوط الهمة، والانحراف القيمي والخلقي والديني، وتجعل المجد للهلس والهلاسين، والانحراف والمنحرفين
وتؤكد هذه الوسائل -المدعومة - أن رسالتها تنويرية، وأنها تحاول إخراج الأمة من وهدتها الحضارية، وتؤكد أننا لو تابعنا هذا الرجز الذي تنشره، فستحل مشاكل الأمة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والسكانية والماضية والحاضرة
ومن خلال هذه الغثائيات التي يملكها مجموعة من رجال الأعمال -الأوفياء- سنزرع الصحراء، ونبني المصانع، ونقضي على البطالة، ونرفع مستوى التعليم، ونزيد الوعي، ونستفيق من حالة البؤس الحضاري، ونواجه جبروت -الصديق- الصهيوني اللدود!
وقد أنتجت مصر وحدها أكثر من ٥٠ مسلسلاً، وتعدت ميزانية إنتاج المسلسلات هذا العام ٧٥٠ مليون جنيه-بس- هذا غير البرامج التي تكرس الغباء والتفاهة وقلة الأدب.
وفي هذه المسلسلات كمية من الأفكار العارية، والأجساد العارية، والعورات المكشوفة، والجرأة والتطاول، والاستهبال والغش، كميات أقلها ينجس البحر، وضع بجانبها الإنتاج السوري، و-الإبداع- الخليجي، وتأمل كم الغثاء المفروض على العقل المسلم، والعين المسلمة، والضمير المسلم، والهوية المسلمة!
نحو مائة مسلسل٣٠ × ٣٠ يومًا × بواقع ٣ مسلسلات في اليوم حلقة في المتوسط.. يعني ٢٧٠ حلقة لكل يوم.. وحلها أنت مشاهدي العزيز
كيف يمكن متابعة ذلك؟
أليس هذا حصارًا كاملاً للعين والعقل والقلب والحواس، بحيث لا يستطيع المرء فكاكًا من هذا الغول القبيح؟
ولعلك لحِظت قارئي العزيز أنني لم أحصر كل المسلسلات، ولم أحصر البرامج التي لا نهاية لها، من الكاميرات الخفية، وبرامج المقالب، والفوازير، والمسرحيات، والاستضافات، وبرامج الاستظراف والسماجة، وبرامج الطبخ، واللقاءات مع المحاريس نجوم الدنيا!
وأسأل حضرتك بالله أن تخبرني: من يطيق هذا الكم الهائل من الغثاء والزبالة؟
وما الأثر الذي تتوقعه لهذه الكمية الهائلة من المسلسلات والبرامج المعادية لرمضان، السارقة لروح رمضان، المعتدية على قداسة رمضان؟!
وكيف تقبل الأمة هذا الاستخفاف الهائل بمشاعرها وشعائرها وأيامها ولياليها المباركة التي ينبغي أن تكون معمورة بالذكر والدعاء والصلاة والصيام والقيام والقرآن والصدقة والاستغفار والتبتل!؟
وما الذي أدّى بنا إلى هذا الحال المخزي من السقوط والخدر وتسليم القلب والعقل لمن يبصق أو يبول فيه ويملؤه بالقاذورات؟
وما الذي جرأ هؤلاء -المبدعين- على الانتهاك العلني لعقلنا؟
ما الذي يرزقهم التبجح بالزعم بأنهم يعرضون سلبيات المجتمع، ويقدمون نماذج واقعية، وأن المشاهد العربي ناضج كفاية ليختار ويفهم، وأن بيدك – أيها الرجعي الظلامي - أن تغلق التلفاز إن شئت -وما حدش بيضربك على إديك!؟
وما الذي يعطيهم هذا الكم من الوقاحة لتقديم الكاسيات العاريات المتمكيجات المزيفات على أنهن نجمات- فنانات- مثقفات- مبدعات- رائدات- قائدات وموجهات للأمة!؟
وكيف تكون مجتمعاتنا – كما في هذه المسلسلات –: مجموعة من الشمامين، والمنحرفات، والمستظرفين من (اللي دمهم يلطش؟
أهذه بيوتنا، وبناتنا، وإخواننا، وآباؤنا، وزعماؤنا؟
أهذه قيمنا ومبادئنا، وطبائعنا، وحالنا الذي يضحك العدو، ويدمي قلب الفاهم اليقظان؟
أهذا رمضان يا أهل الإعلام؟
وكيف يقبل هذا مثقفونا، وكتابنا وإعلاميونا الذين يشاركون في نشر هذا الإفك المبين؟
مش مصدقني حضرتك.. افتح أية جريدة الآن أو مجلة- افتح أية قناة حكومية أو خاصة، وأتمنى أن تكذبني، وتقول إني مبالغ أو متشائم أو أرى الدنيا بنظارة سوداء!
صدقني دي حاجة تعمي القلب قبل العين.. آل رمضان مبارك آل
========================================================================
برامج الفراغ التليفزيونى
سلامة أحمد سلامة
الاثنين 16 اغسطس 2010 10:03 ص بتوقيت القاهرة
عاما بعد عام يغرق شهر رمضان فى مستنقع استهلاكى وترفيهى عميق. يختلط فيه البيزنس بالتسلية بالتهريج والإسفاف، ويتحول إلى مسلسلات واستعراضات وحوارات تستغرق اليوم بطولة من ساعات الإرسال التليفزيونى فى الصباح إلى ساعات الليل المتأخرة..
يشتد التنافس فيها على تلهية الجماهير التى لا تقرأ ولا تكتب حتى وإن كانت تقرأ وتكتب. ومن فاته شىء فى ساعات الليل يستطيع أن يستعيدها فى ساعات النهار أو فى قناة أخرى!
وتبلغ المحنة الحقيقية ذروتها بالنسبة لعوام الناس وستات البيوت والأجيال الشبابية حين نعرف أن مجموع ساعات عرض «برامج الفراغ» هذه خلال شهر رمضان ما يزيد على يومين وثلاث ساعات. ومعنى ذلك أن الإنسان المصرى معرض طوال الشهر الكريم لطاقة إشعاعية مدمرة، محملة بقوى الجهل والسطحية التى تغسل العقل من كل قدرة على التفكير..
وتهبط به إلى المستويات الدنيا من الحكاوى وثرثرة المقاهى، والاستظراف الذى لا ينطوى على نكتة ذكية أو سخرية لاذعة.
وطوال الأيام التى سبقت شهر رمضان، تابعت سيل الإعلانات التى ملأت صفحات فوق صفحات مزودة بصور نجوم ليسوا بنجوم، تبشر الناس بما ينتظرهم من برامج وسهرات.
وقد استوردت بعض قنوات جديدة نجوما من لبنان لإجراء حوارات كل هدفها أن تفجر الفضائح وتكشف عن الأسرار وتخوض فى الأعراض. ويتباهى صاحب البرنامج بأنه يدفع الثمن بالدورلارات وبالسيارات الفارهة!
لقد تحول رمضان خلال السنوات الأخيرة بالتدريج إلى سوق هائلة لاستهلاك الإنتاج الفنى الرخيص على الطريقة اللبنانية، وإلى مباراة فى تقديم الحوارات الجنسية المكشوفة بين «قرشانات» السينما المصرية ممن فاتهم قطار الزواج والأسرة، ولم يعد لديهم ما يخافون عليه أو منه.. وياليتها كانت حوارات أو نقاشات حول فنون التمثيل أو الأداء الفنى لأدوار مرموقة قمن بها كبطلات لعمل جيد. ولكنها حوارات هابطة، يعمل المذيع كل ما بوسعه ليزيدها هبوطا باستفزاز طرف ضد الآخر.
لقد انتقد البعض غياب المسلسلات الدينية. وربما كان هذا هو الجانب الإيجابى الوحيد لأن المسلسلات الدينية كما عهدناها كانت تزيف الحس الدينى ولا علاقة لها بعصرها ولا بالعصر الذى نعيش فيه. ولكن هذا لا يمنع من تجسيد حياة بعض الأئمة والعلماء من العصر الحديث مثل الطهطاوى ومحمد عبده والمراغى وشلتوت وغيرهم..
ويغيب عن عقل المسئولين فى التليفزيون المصرى تماما أننا نعيش فى عصر العلم.. فلا يوجد مسلسل واحد يعكس ذلك الصراع الذى نشب أوائل القرن الماضى بين أنصار العلم وأنصار الدين. وكيف أمكن لمصر أن تخوض نهضة علمية لم تكتمل بعد.. ولكنها نجحت فى التوفيق بينهما بعد. ولكنها، وباستثناء مسلسل الجماعة الذى قدم صورة سلبية فى أجواء القمع الذى لعبت فيه السياسة والأطماع السياسية أدوارا بالغة العنف، لا تكاد تجد ما يشفى.
وإذا صحت الأرقام التى ذكرت بأن عدد القنوات التليفزيونية المملوكة للحكومة تقدر بـ54 قناة، إضافة إلى نحو 22 قناة خاصة.. هذه كلها تضخ ليلا ونهارا مواد تفتقر إلى القيمة الفنية الجيدة. حيث لا توجد معايير للجودة فى تقييم الإنتاج التليفزيونى غير ما يفرضه مزاج وزير الإعلام أو كبار الموظفين!!
ما الذى بقى بعد ذلك فى رمضان؟
لا يستطيع أحد أن يعيد عجلة الزمن إلى الوراء، لنحتفل بالشهر الكريم كما كان الآباء يحتفلون به فى القرى والنجوع والأحياء الشعبية. فقد طغت بهرجة المدينة وأضواء التليفزيون وإغراءات النجوم وصناعة السينما على كل شىء. ولم يبق غير الأذان الذى تريد الحكومة تأميمه ــ والصلاة فى المساجد العريقة واستحضار مشاعر الإيمان والخشوع..
وفيما بين هذا وذاك تلمح بعض بؤر مضيئة بتجمعات من الناس تؤدى صلاة التراويح فى النوادى والشوارع، من مختلف الأعمار والأجيال.. لا أحد يدرى من أين جاءوا ولا إلى أين ذهبوا.. ولكنهم أشبه بسحابة صيف رطبة تمتص قدرا من التلوث والسموم
http://www.shorouknews.com/Mobile/Columns/Column.aspx?id=283610